هل الكُرد أحفاد الميديين؟

شارك هذا المقال:

بقلم البروفيسور: مهرداد. ر. إزادي*

Merhdad Izady          

الترجمة عن الإنكليزية: عمر رسول

 تلقيتُ رسالة، قبل بضع سنوات، من شخص أمريكي غير أكاديمي يسأل: “هل الكُرد أحفاد الميديين؟”  لقد أجبتُ على سؤاله بأفضل ما تمكنت، متجنباً عدداً لا يحصى من التفاصيل التي قد تقلّل من أهمية الموضوع بدلاً من تعزيزه، وقد كان جوابي له هو: “نعم، هم أحفاد الميديين، ولا، في الوقت نفسه”.   لقد بات هذا السؤال – أو الافتراض – يُطرَح بشكل متزايد في وسائل الإعلام مع انتشار المطبوعات عن الكرد منذ حرب الخليج.

كما أن جملة من الإيحاءات السياسية التي ترتبط بهذا السؤال الأكاديمي يصعب تنحيتها بسهولة.  لقد حاول الكرد والغربيون المهتمون بالمواضيع الكردية – العلماء والسياسيون والمراسلون وعامة الناس – الإجابة على ما هو في الأساس مسعى أكاديمي.  لسوء الحظ، يتم طرح هذه القضية في كثير من الأحيان لخدمة أجندة سياسية أكثر من السعي الأكاديمي.  وبالتالي، لم يعد من الممكن الإجابة على هذا السؤال دون الاعتماد على الكثير من الفضل أو إنكار الكثير من تاريخ الكرد – وهو “تاريخ” ضروري إما لتعزيز أو إنكار الادعاءات السياسية الكردية.  على ما يبدو، هناك افتراض مسبق بأنّه إذا كان الكرد ينحدرون من الميديين القدامى المشهورين في التاريخ، فإنّ مطالبهم بالهوية، وبالتالي، فإنّ وطنهم الحديث يكون أكثر صحة مما سيكون عليه الحال لو أنّهم ظهروا ببساطة من العدم في مناسبة ميمونة، مثل ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي. هنا، لا يسعني إلا أن أحاول الرّد على السؤال من منظور أكاديمي على نحو لا يمكن انكاره، وبعيداً عن مجال الألعاب السياسية في الآن ذاته.

هل الكُرد أحفاد الميديين؟  حسناً، يمكن الإجابة على هذا السؤال بـ”نعم ولا” – وهي نفس الإجابة التي قد يقدمها المرء على السؤال التالي: “هل الإيطاليون أحفاد الرومان؟” 

دعونا نتذكّر أنّ شبه الجزيرة الإيطالية (إتروريا القديمة) كانت مأهولة بالسكان وتفتخر بحضارة متطورة قبل مجيء القبائل اللاتينية التي أسّست روما فيما بعد، وعزّزت ما نعرفه بالحضارة الرومانية.  لكنهم لم يتوقفوا عند هذا الحد.  استعمر الرومان الناطقون باللاتينية مناطق شاسعة واستقروا في العديد من الأراضي في أوروبا والشرق الأوسط.  لقد نقلوا بعملية التوسّع هذه لغتهم والعديد من سماتهم الثقافية إلى الشعوب المحلية.  لغوياً، يتحدث الإيطاليون والفرنسيون والرومانيون والكتالونيون والكورسيكان والبرتغاليون والإسبان (وجميع بلدان أمريكا اللاتينية)، أيضاً اللغات الرومانسية (اللاتينية).  وبالتالي، من الناحية اللغوية على الأقل، لا يمكن للإيطاليين فقط، ولكن كل هؤلاء يمكن أن يدّعوا أنّهم الرومان المعاصرون.

 بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، جاء العديد من الشعوب الأخرى (الجرمانية بشكل أساسي، ولكن السلاف أيضاً) للاستقرار في إيطاليا، وفرضوا مادة وراثية وثقافية جديدة على ما تركه الرومان وراءهم.  توجد بعض الأمثلة الأكثر إثارة للإعجاب للفن والعمارة الرومانية خارج إيطاليا في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.  كما جاء أهم المفكرين والمتنورين “الرومان” من خارج إيطاليا، ومن اليونان، وإسبانيا، والأناضول، وسوريا … إلخ.  إذا أردنا احترام الادعاء القائل بأنّ الإمبراطورية البيزنطية كانت في الواقع هي “الإمبراطورية الرومانية الشرقية”، فإنّ الإغريق وسكان الأناضول (الذين أصبحوا الآن من الأتراك) أمضوا 1400 عام من تاريخهم تحت الحكم الإمبراطوري “الروماني” وأداروا المنطقة قرابة 200 عام، هم “رومانيون” أكثر من أي فئة أخرى.  توقّف الإيطاليون عن كونهم رعايا رومانيين، عندما سقط الرومان خارج نطاق سيطرة القسطنطينية – “روما الجديدة”، بعد القرن الرابع الميلادي.

 إذا أردنا أن نطلق على الإيطاليين أحفاد الرومان الحديثين، فيترتب على ذلك بأن نكون مستعدين أيضاً لافتراض أن تعدّد الشعوب والثقافات التي كانت موجودة في شبه الجزيرة الإيطالية قبل مجيء القبائل الرومانية (اللاتينية)، وأولئك الذين وصلوا بعد زوال الرومان، اختفوا تماماً فيما بعد.  انطلاقاً من هذا، أليس الإيطاليون هم ذرية كل هذه الشعوب والثقافات والرومان أيضاً؟  بالطبع هم كذلك.

 حسناً، هل ينحدر الإيطاليون من الرومان؟  يبقى الجواب “نعم ولا”.  لا، لأن العديد من الشعوب الأخرى، تشترك لغوياً وثقافياً في هذا التراث الروماني، وليس الإيطاليين فقط.  كلهم متساوون في الحق في التأكيد على أنّهم من نسل الرومان القدماء.  نعم، لأن الرومان بدأوا حياتهم المهنية في شبه الجزيرة الإيطالية، وبعد ذلك فقط توسّعوا لتشكيل إمبراطورية مع نشر ثقافتهم ولغتهم في أماكن أخرى.  وعندما رحل الرومان الناطقون باللاتينية، ظلّ اسمهم وأسطورتهم ملموسين بشكل أكبر وتركّزوا في منطقة ولادتهم وهي: لاتسيو الحديثة (لاتيوم القديمة)، المحيطة بمدينة روما.  فيما يتعلق بمسألة الميراث الروماني، يحق للإيطاليين الحصول على أكثر من ذلك بقليل، مما يجعلهم في المرتبة الأولى من بين المتساوين، كما قد يصرّح بها الروماني.

 يوضّح المثال الإيطالي التعقيدات التي تنشأ عند محاولة تطبيق أسئلة مبسّطة على العمليات الاجتماعية والثقافية والتاريخية المعقدة.  هناك ثغرة أكثر أهمية في هذا النمط من الأسئلة، أقصد السلالة الكردية من الميديين (أو الإيطاليين من الرومان)، تنبع من الافتراض الشائع بأنّه يجب أن يكون لكل الشعوب والثقافات “بداية” مثل الأفلام.  يُفترض أنّ الأصل الكردي من الميديين سيضع “بدايته” مع عهد أول ملك ميدي أسطوري، ديوسيس، في عام 727 قبل الميلاد.  ولكن ماذا كان يحدث في عام 728 قبل الميلاد – قبل عام من اعتلاء ديوسيس العرش؟  أين كانوا الميديين؟  أم هل كان هناك أي ميدي قبل تتويجه؟  هل يجب أن نفترض أنّ مجموعةً عرقية كثيفة السكان وثقافةً ولغةً – كلها ظهرت بأعجوبة عندما قرّر ديوسيس أن الوقت قد حان للتتويج؟

 تشير مصادر بلاد ما بين النهرين إلى الميديين قبل 500 عام تقريباً من هذه “البداية”.  تذكر هذه المصادر أيضاً جبال زاغروس وجبال طوروس كفريقٍ مع شعوب وحضارات وحكومات أخرى أجرى معها سكان بلاد ما بين النهرين تبادلات تجارية وثقافية نشطة، أو حاربوا ضدهم.  ماذا حدث لكل هؤلاء السكان الأصليين والدول المتطورة في المنطقة عندما “بدأ” الميديون؟

 استوطنت القبائل الميدية أولاً في المناطق الواقعة بين همدان الحديثة وكرمنشاه في جنوب شرق كردستان – قلب ميديا، والمنطقة التي سميت في السجل الآشوري بـ “ميديا”، لهو اعتراف بهذا التوطين.  كان الميديون مجموعة بدوية غامروا بدخول الشرق الأوسط مع بدو آخرين يتحدثون الهندو أوروبية مثل الفرس والأرمن والأفغان.  لكن سرعان ما طغت ثرواتهم على الآخرين.  توسّع الميديون لأول مرة من قلب منطقتهم في جنوب شرق كردستان وعاصمتهم همدان (هاغماتانا/ إكباتانا القديمة) ليسيطروا على جبال زاغروس والأجزاء الغربية من الهضبة الإيرانية وشرق الأناضول.  بالنسبة للمؤلفين الكلاسيكيين، فإنّ هذه المنطقة الموسّعة هي ما يعنيه مصطلح “ميديا”.  من هنا أنشأ الميديون في نهاية المطاف إمبراطورية تمتد من آسيا الصغرى إلى آسيا الوسطى.  تم خسوف إمبراطوريتهم في نهاية المطاف في عام 549 قبل الميلاد من قبل النجم الصاعد لأبناء عموم الميديين، الفرس.

 كتب سترابو قبل ألفي عام: “يُقال إنّ الميديين هم منشئو عادات الأرمن، ومن قبلهم الفرس أيضاً، حيث كان الميديون أسيادهم أولاً ولكن فيما بعد أصبح الفرس خلفاءهم في السلطة العليا على آسيا …”  (المرجع: Geography, XI.xiii.9). يؤكد سترابو كذلك أنّ مساهمات الميديين تضمّنت الأزياء، والحلي، والرياضة، وآداب المحكمة وطريقة الملكية (المرجع نفسه).  يجب أن نضيف الدين أيضاً إلى قائمة المساهمات الميدية هذه.

يمكننا أن نسأل الآن، من أين اكتسب الميديون الحضارة المتطورة التي نقلوها فيما بعد إلى الفرس والأرمن؟  بالتأكيد لا يمكن أن يكون جزءاً من تراثهم البدائي البدوي الذي تمت مشاركته مع أقرانهم الرحل الأرمن والفرس.  لم يُعرف البدو في أي وقت من التاريخ بالعادات الحضارية أو التطور الثقافي.  ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن البدو الميديين الذين وصلوا إلى زاغروس كانوا مختلفين. على الأرجح، ورث الميديون ببساطة الثقافات التي أصبحت تحت سلطتهم، وفي الوقت المناسب أصبحوا أبطالها.  لكن الميديين أحضروا لغة، وهو أمر مهم الآن، ولكن على الأرجح لم يكن مهماً في ذلك الوقت.

يتحدث الكرد المعاصرون لغة شبيهة بلغة الميديين​​، أي أنّها لغةٌ هندو -أوروبية من الفرع الإيراني.  ولكن هذا ينطبق على معظم الجماعات العرقية الأخرى في إيران وأفغانستان وطاجيكستان وبلوشستان.  تنتمي لغة الكرد المعاصرين، بدقة أكبر، إلى مجموعة من اللغات (لغات شمال غرب إيران) تتركّز، باستثناء البلوش، داخل أراضي ميديا القديمة.  يمكننا فقط أن نخمّن أنّ الميديين تحدّثوا أيضاً بلغةِ هذا الفرع لأنّه، باستثناء بضع كلمات وأسماء علم، لا توجد سجلات باقية لخطاب الميديين. ما تبقى يمكن أن يؤكّد بشكلٍ قاطعٍ الهوية الهندية الأوروبية والإيرانية للغة الميدية – لا شيء أكثر من ذلك.  لكن لابدّ أنّ شخصاً ما قد نشأ مجموعة اللغات الإيرانية الشمالية الغربية، ويظلّ الميديون المرشحون الأفضل، إن لم يكونوا الوحيدين المعروفين الذين فعلوا ذلك.

لكن لغوياً، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الجيلان والمازاندران والتات والتاليش والبلوش وبين الميديين مثل الكرد: فهم جميعاً يتحدثون لغات شمال غرب إيران!  في الواقع، يمكن للآذريين الناطقين بالتركية الآن، إذا اختاروا ذلك، أن يطالبوا بقوة بإرث الميديين.  في العصور الكلاسيكية، كانت أذربيجان دائماً تقريباً جزءاً من ميديا.  علاوة على ذلك، أصبح الآذريون لغوياً أتراكاً منذ قرون قليلة فقط.  لا يزال اسمهم العرقي للغاية إيرانياً.

من الواضح أن هذا الأمر لا يمكن تسويته لغوياً، حتى لو عرفنا بالضبط اللغة التي كان يتحدث بها الميديون.  تشارك مجموعات عرقية كثيرة أخرى ماضيها اللغوي مع الكرد، ويفترض أنّهم جميعاً مع الميديين.

إذن ماذا عن الجغرافيا أو الإثنوغرافيا؟ لقد شملت الأراضي الميدية الجبال وكذلك السهول المجاورة. يخبرنا سترابو أنّ معظم ميديا باردة وجبلية، وخاصة “تلك الجبال التي تقع فوق إكباتانا/ همدان”؛ لكنه يدرك أيضاً امتداد ميديا الكبرى إلى السهول المعتدلة إلى الشرق حيث يجد المرء الآن المجتمعات والمدن الفارسية الصاخبة مثل طهران وأصفهان، ناهيك عن تبريز وأربيل ووان وأورمية (  Geography, XI.xiii. 7).

خلال فترة صعودهم، تم تجميع كل الشعوب السابقة التي سكنت مناطق أخذت اسم ميديا معاً، وقد أطلق عليها الغرباء اسم الميديين. من ناحية أخرى، عندما كتب سترابو  كتابه (Geography)، كان الاسم العرقي “ميدي” (إذا كان له مثل هذه الدلالة، خاصة بعد تأسيس الإمبراطورية)، قد مات بالفعل. وقد عادت الأسماء العرقية القديمة إلى الظهور من جديد، أو ظهرت أسماء جديدة بدلاً من تلك التي انقرضت. ومع ذلك، بقي “ميديا” كمحدّدٍ جغرافي. واستمر هذا المحدّد الجغرافي، مثله مثل روما بعد زوالها السياسي، في التقلّص حتى تراجع في العصر الإسلامي حيث بدأ الميديون القدماء حياتهم المهنية التوسعية في جنوب شرق كردستان – المنطقة الواقعة بين همدان (عاصمتهم القديمة) وكرمنشاه. حتى قبل حوالي ثمانية قرون مضت، كانت تلك المنطقة الواقعة في جنوب شرق كردستان تسمى ماه (أي ميديا). مثل لاتيوم وروما في إيطاليا – ومكانتهما الخاصة في قصة صعود الرومان وأفولهم – ما تبقى اليوم من الميديين القدامى واسم “ميدي” موجود بكثافة في جنوب شرق كردستان – موقع الصعود وأفول الميديين. في الواقع لا تزال هناك بعض القبائل والعشائر الكردية التي تحمل الأشكال المتطورة لاسم “ميدي”. ومن بين تلك العشائر والقبائل نجد ميواندلو، وميماند، وماماند، ومافي، على سبيل المثال لا الحصر. أكبر سهل في تلك المنطقة بأكملها لا يزال يسمى ماهي/ مي دشت، “سهل الميديين”.

إنّ الماضي المركّب هو في الواقع القاعدة لكل حضارة قديمة. سيكون الأمر غريباً جداً بخلاف ذلك. إنّ الفرس والعرب والأتراك (على الرغم من أنّهم يفضلون عدم الاعتراف بذلك) لديهم ماض مرّكب بشكل مماثل، كما هو الحال مع الإيطاليين وجميع الشعوب والثقافات الأخرى التي تطوّرت في هذه المناطق، التي تعد من أقدم المناطق الحضارية على وجه الأرض.

بالنظر إلى هذه الصورة المعقدة، ما هي المجموعات العرقية التي يمكن أن تدعي أنّها تنحدر من الميديين؟ إذا كان الأمر مهماً – وأنا لا أعتقد أنّه مهم – فيمكن للكرد مع عدد قليل من الآخرين أن يقدّموا هذا الادعاء. ولكن مثل الإيطاليين، الذين يمكنهم المطالبة بالمزيد من التراث الروماني أكثر قليلاً من الآخرين على أسس جغرافية وزمنية، يمكن للكرد أن يفعلوا الشيء نفسه فيما يتعلق بالميديين. لأنّهم، مثل الإيطاليين، هم أيضاً «الأولون بين المتساوين».

لم يضف الميديون شيئاً ذا قيمة ثقافية خاصة لتبرير القتال على ميراثهم. تُعزى الحضارة والترف الثقافي إلى الميديين المراوغين الذين تبنوها من الشعوب الأصلية والثقافات اللامعة التي وجدوها موجودة بالفعل عندما وصلوا إلى غرب آسيا كمهاجرين بدو في حوالي عام 1100 قبل الميلاد. إنّ الثقافة الكردية، التي تحدّد هوية الشعب الكردي، لها جذورها الأصلية في الإرث المميّز لكل من سبق الميديين، ولكنها تشمل الميديين أيضاً. لقد أصبحت تلك المنطقة الجبلية تسمى ميديا فقط لفترة قصيرة نسبياً. ولم يجلب الميديون الذين استقروا في زاغروس سوى القليل لكنّهم تعلّموا الكثير من السكان الأصليين المحليين ذوي الحضارة القديمة والمتطورة. قبل دمج هويتهم معهم، قام الميديون بإثراء الثقافات المحلية بطبقة أخرى من الخبرة وإضافة جينات أخرى إلى مجموعتهم العرقية. وما تركوه وراءهم بعد اختفاء اسمهم العرقي، استمر في التطور من خلال الثقافات والشعوب التي جاءت بعدهم، واستقرت في المنطقة واختفت بدورها في الوسط المحلي.

نعم، الكرد هم أحفاد الميديين بقدر ما ساهموا وراثياً ولغوياً في تشكيل ما هو عليه الكرد اليوم. لا، الكرد ليسوا أحفاد الميديين لأن أسلافهم المتحضرين كانوا موجودين بالفعل عندما ظهر الميديون وازدهروا واختفوا في النهاية. ليس من الضروري أن يكون الكرد قد نشأوا في تاريخ معين من مكان آخر إلى وطنهم الحالي؛ في الواقع لم يفعلوا ذلك. هم وثقافتهم ينحدرون من تطور السكان الأصليين وثقافات أنظمة جبال زاغروس- طوروس، القادمة إلينا من العصور القديمة البعيدة. كانت إضافة مكوّنٍ ميديّ واحدٍ مجرد واحدة من العديد من المكونات التي لا تعد ولا تحصى.

دعونا نستنتج أنّه لا الكرد ولا أي أمة أخرى يحتاجون إلى بداية منفصلة. وحدهم هواة السينما الأكثر خيالاً يمكنهم التفكير في العمليات المعقدة لتطوّر الأمم باعتبارها عملية تحتاج إلى بداية ونهاية.

Source: “Are Kurds descended from the Medes?”, Kurdish Life, Number 10, 1994.

(المصدر: “هل الكرد أحفاد الميديين؟”، الحياة الكردية، العدد 10، 1994).

_______________________________

مهرداد ر. إيزادي: كاتب معاصر في المواضيع العرقية والثقافية، وخاصة الشرق الأوسط الكبير، والكرد.

ولد إيزادي لأب كردي وأم بلجيكية (1963)، وقضى معظم شبابه في العراق وإيران وأفغانستان وكوريا، حيث كان والديه الدبلوماسيان ينتقلان من مهمة إلى أخرى. 

حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية والجغرافيا من جامعة كانساس، ثم التحق بجامعة سيراكيوز حيث حصل على درجتي ماجستير في الاستشعار عن بعد ورسم الخرائط وفي العلاقات الدولية. حصل على درجة الدكتوراه في قسم لغات وحضارات الشرق الأوسط بجامعة كولومبيا عام 1992.

حاضرَ لمدة ست سنوات في قسم لغات وحضارات الشرق الأدنى في جامعة هارفارد، وفي قسم دراسات وتاريخ الشرق الأوسط في جامعة العمليات الخاصة المشتركة في فلوريدا. وقد أدلى بشهادته أمام لجنتين من لجان الكونجرس الأمريكي وقام بتأليف العديد من الكتب والمقالات حول موضوعات الشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا. لقد كان عضواً في هيئة التدريس بدوام جزئي في قسم التاريخ في جامعة فوردهام، ومعهد نيويورك للتكنولوجيا وجامعة بيس منذ عام 2001. ومنذ عام 1997، أصبح أيضاً أستاذاً مساعداً في جامعة العمليات الخاصة المشتركة في فلوريدا.

إيزادي هو أيضاً عالم إثنوغرافي أنتج أعمالاً حول موضوعات عرقية ثقافية في العالم القديم. تم استخدام أعماله الخرائطية المشروحة من قبل الأطالس والمؤلفين ووسائل الإعلام الدولية، بما في ذلك ناشيونال جيوغرافيك والإيكونوميست بالإضافة إلى الجيش الأمريكي والأمم المتحدة والعديد من الكيانات الأخرى. كما أن بعض أعماله مدرجة في أطلس العالم الإسلامي والمناطق المجاورة يمكن ايجادها على موقع كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، مشروع الخليج 2000. (المصدر: ويكيبيديا).

شارك هذا المقال: